تعريف العلم الجنائي أهداف معاينة مسرح الجريمة
عرَّف العلم الجنائي بأنه: استخدام العلم للكشف عن الجريمة، ويستند العلم الجنائي في أصله على نظرية لوكارد للتبادل التي تُنسَب إلى العالم الفرنسي أدموند لوكارد 1910م، والتي تنصُ على أنه:” إذا تم تلامس بين جسمَين فإن كلًّا منهما سيترك أثرًا على الآخر” وهو ما يعني حتمية تأثير الشخص في مكان محدَّد يدخله، أو إحداث أي إضافة، أو أخذ منه
استنادا على ذلك، فانه يجب على المحقِّق الأخذ بعين الاعتبار أن هناك أثرا” ماديًا” ما مِن شأنه أن يُضاف إلى مسرح الجريمة أو ينقل منها، وتعتمد كمية وطبيعة هذا الأثر المادي في الأساس على ظروف الجريمة
أولى خطوات التحقيق الجنائي تبدأ من مسرح الجريمة، فتُعَد معاينة المسرح أهم مراحل التحقيق الجنائي، ويبقى إيجاد الآثار المادية التي تربط بين الجاني والمجني عليه في مسرح الجريمة، هو الهدف الأساسي من معاينة مسرح الجريمة تشمل مهمة المحقق في مسرح الجريمة ما يلي
تقدير نوعية الدليل المادي المحتمل مصادفته في مسرح الجريمة، وتقدير مكان العثور عليه في جريمة معينة، فضلًا عن معرفة القيمة الاستدلالية للدليل المادي
استخدام الطرق الأنسب للاستدلال والكشف على الآثار المادية الدقيقة في مسرح الجريمة، والوقوف عليها ورفعها وحفظها
نقل صورة واضحة عن مشاهداته في مسرح الجريمة، وذلك من خلال إعداد تقرير مصور مع رسم تخطيطي، ينقل بها على قدر الإمكان صورة مفصَّلة وشاملة عن مكان وحالة مسرح الجريمة
استخدام نتائج فحوص الآثار المادية ومظاهر مسرح الجريمة، من أجل وضع فرضية أو عدة فرضيات، بهدف الوصول إلى استنتاج يفسِّر حقيقة ما حدث في مسرح الجريمة، أي
” إعادة بناء مسرح الجريمة “
أنواع مسارح الجرائم
مسرح الجريمة هو مكان وقوع الجريمة، وينقسم إلى ما يلي
مسرح جريمة أوَّلي/ ثانوي: يعتمد هذا التقسيم على الموقع الأصلي الذي وقعت فيه الجريمة، ويُعرَف بالمسرح الأوَّلي للجريمة، أما مسرح الجريمة الثانوي فيُعرف بأنه الموقع الذي نُقِلت إليه أحد مكوِّنات مسرح الجريمة، كنقل جُثة القتيل من موقع جريمة القتل إلى مكان آخر بهدف إخفاء آثار الجريمة
مسرح جريمة متعدد الآثار أو ذو أثر واحد: لا ينحصر مسرح الجريمة المتعدد الآثار في موقع واحد فقط إنما قد يَشمل جسم الضحية، والمسكن، والسيارة، وغيرها من المواقع، أما مسرح الجريمة ذو الأثر الواحد فيَنحصر في التحقيق في أثر مادي بعينه، مثل الآثار المنطبعة، والشعر/الخيوط، وأعقاب السجائر، وما شابه ذلك
مسرح جريمة خارجي / داخلي ووسائل النقل: مسرح الجريمة الخارجي من أكثر مسارح الجرائم التي يكون فيها الأثر المادي عُرضةً للتلف والتلوث والضياع، وذلك بالمقارنة مع مسرح الجريمة الداخلي، مثال على ذلك، أرض فضاء أو مكان عام، ويُعَد مسرح الجريمة الداخلي، كالمسكن أو المتجر، من مسارح الجريمة الأقل عُرضةً للتلَف والضياع. لحماية الآثار المادية التي يحتمل وجودها على وسيلة النقل فمن الممكن نقل السيارة إلى المختبر عقب تصويرها وتسجيل كافة الملاحظات والبيانات المطلوبة
تقسيمات أخرى: بالنظر إلى ظروف الجريمة، من الممكن تقسيم مسرح الجريمة، بالاعتماد على كونها جريمة منظَّمة أو غير منظَّمة، أو على نوعية الجريمة إذا ما كانت قتلا”، أو اعتداءً، أو سرقة
تقسيم الأدلة الجنائية ومصادرها
يمكن تقسيم الأدلة الجنائية بشكل عام الى الأدلة القولية؛ مثل أقوال المجني عليه والشهود، أو الأدلة المادية، وهي الآثار التي يمكن ان توجد في مسرح الجريمة وتشمل الشعر والبصمات والآثار البيولوجية (دم، لعاب، الخ….). كما يمكن تقسيم الادلة الجنائية المادية الى الأدلة ذات الصفات الفردية أو الأدلة ذات صفات المجموعة. الأدلة ذات الصفات الفردية هي الأدلة التي لها ميزات يمكن نسبتها الى مصدر واحد فقط، ومثال على ذلك بصمات الأصابع، البصمة الوراثية، الخطوط. الأدلة ذات صفات المجموعة هي الأدلة التي لها ميزات عامه بحيث لا يمكن نسبتها الى مصدر واحد فقط بل الى مجموعة ومثال على ذلك آثار الآلات والأحذية. يمكن نقل الدليل المادي من الصفات الجماعية الى الصفة الفردية على حسب الميزات المتوفرة، ومثال على ذلك وجود تآكل أو قطع في اطار السيارة او الحذاء
هناك مصادر مختلفة للأدلة الجنائية مثل مسرح الجريمة، وهو المكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الحادث ويعد من أهم مصادر الأدلة المادية. كما يمكن أن تكون الآثار المادية على جسم أو ملابس أو ممتلكات الجاني والمجني عليه
الفرق بين مقارنة وقراءة الدليل المادي
مقارنة الدليل المادي هي ربط الآثار المادية، أذا كانت صالحة للمقارنة، مع المصدر المشتبه به. تشمل نتائج المقارنة الاستبعاد أو التشابه أو لا يمكن التوصل الى نتائج. أما قراءة الدليل المادي فهي تفسير وجود الأثر المادي وربطه بظروف المكان والزمان والأحداث وتوافقه مع الأدلة القولية
أهمية الأدلة المادية
معلومات عن مسرح الجريمة
أن جسم الجريمة يعني الحقائق الضرورية التي تبين وقوع هذه الجريمة، وتعني هذه الحقائق الأدلة المادية وأنماط وأشكال الآثار المادية، أضافة الى نتائج التحاليل في المختبر الجنائي. ان وجود نافذة مكسورة أو محتويات أدراج مبعثرة أو بقايا نشارة حديد بجانب خزنة حديد تعد أمثلة لمؤشرات على وقوع جريمة سرقة. كما أن وجود بقع دم على شارع عام يعطي مؤشرا على حادث دهس وهروب، لكن أذا أعطت نتائج فحص المختبر بأن الدم ليس بشري بل دم جمل، على سبيل المثال، فان ذلك سيعطي معلومات أدق للمحقق عن نوع الحادث
الربط بين الأشخاص والأدوات والمسرح
نتيجة لتطور استخدام الفحوص الفنية في المختبرات الجنائية للأدلة البيولوجية، مثل الدم والمني واللعاب والشعر، أو الأدلة الأخرى فانه يمكن الربط المباشر بين المشتبه به ومسرح الجريمة، وبالأخص في جرائم الاعتداء والقتل. يتم في هذه الجرائم البحث عن انتقال الأدلة المادية بين المشتبه به والضحية ومسرح الجريمة.
من الأمثلة على ذلك
اكتشاف سائل منوي من المشتبه به على جسم الضحية، وبتصنيفه بالبصمة الوراثية تبين أنه للمشتبه به. التعرف على دم الضحية أو الشعر أو خيوط من الملابس أو مساحيق التجميل على ملابس المشتبه به
وجود بصمات المشتبه به في مسرح جريمة، يعد ربطا مباشرا بين المشتبه به ومسرح الجريمة المحدد
الربط بين الأشخاص ومسرح الجريمة بواسطة الأدلة المادية: يمكن أن يتم عبر آثار الأقدام والإطارات وآثار الآلات أو أدوات تخص شخصا ما وجدت في مسرح الجريمة. من الأمثلة على ذلك: اكتشاف آثار منطبعة لأقدام او اطارات مركبة، او أدوات المشتبه به
يمكن للمختبر الجنائي أن يظهر رقم السلاح الناري الذي وجد في مسرح الجريمة وتمت أزاله رقمه التسلسلي والبحث عن مالك السلاح في قواعد البيانات المختلفة وربطه بمسرح الجريمة
نفي أو دعم أقوال الشهود/الضحية/المشتبه به
يمكن التحقق من مصداقية أقوال الشهود والمجني عليهم أو المشتبه بهم باستخدام الفحوص الفنية للأدلة المادية وتحليل مسرح الجريمة. مثال على ذلك، فان وجود نقطة دماء ساقطة من دماء الضحية على ملابس المشتبه به مؤشر على وجوده مع الضحية في بداية أصابتها وليس أثناء حمله أو أنقاذه أذا كان الشخص يدعي ذلك
التعرف على المشتبه به والمواد المجهولة
يمكن فحص الأدلة المادية التي رفعت من مسرح الجريمة والمواد المجهولة ومعرفة مصدرها. من الأمثلة على ذلك
مقارنة بصمة مجهولة مرفوعة من مسرح الجريمة، مع قاعدة بيانات البصمات
مقارنة البصمة الوراثية لعينة دم رفعت من مسرح الجريمة أو أية آثار بيولوجية، مع قاعدة بيانات البصمة الوراثية
مقارنة ظرف فارغ أو مقذوف ناري رفع من مسرح الجريمة، مع قاعدة بيانات الأسلحة النارية والمقذوفات
التعرف على المواد المجهولة مثل المخدرات والسموم وسوائل الجسم مثل الدم والمني
معلومات عن الاسلوب الجرمي
ليس كل أثر مادي في مسرح الجريمة يمكن ان يربط المشتبه به في مسرح الجريمة فقط، بل يمكن ان يحتوي مسرح الجريمة على آثار يمكن أن تعطي خيوطا للتحقيق
أن العديد من المجرمين لهم أسلوب مميز في ارتكاب الجريمة وهذا يمثل بصمة الأسلوب الجرمي لهذا المجرم. لذلك فان الأدلة الجنائية الموجودة في مسرح الجريمة، يمكن أن تقدم دورا مهما في إعادة بناء مسرح الجريمة واستنتاج الطريقة التي تم اتباعها في ارتكاب الجريمة، وهذا بدوره قد يعطي مؤشرا على صفات المشتبه به الجسدية والمهنية ومثال على ذلك
آثار أحذية تحدد نوع الحذاء: رياضي او نسائي، حجم الحذاء ونوعه ودرجة التآكل
قطع منتظم للأقفال قد يكون مؤشرا على ان الجاني يعمل في الحدادة أو البناء
في حوادث التفجير، فان جهاز الاشعال المستخدم ومحتويات الشاحن الرئيسي ومخلفات التفجير تعتبر أدلة مادية تساعد على تحديد نموذج أو أسلوب الجاني
بعض القضايا التي تبدو للوهلة الأولى انها غير مرتبطة، يمكن الربط بينها بوساطة تحليل الأسلوب الجرمي ويمكن أن يستخدم ذلك في الجرائم المتكررة
توصيف الجريمة
يمكن بمقارنة وقراءة وتحليل الأدلة الجنائية، التحقق من وصف الجريمة، فعلى سبيل المثال
جريمة سرقة: يمكن بتحليل الآثار المادية على المشتبه به ودراسة مسرح الجريمة، تحديد إذا كانت هناك قوة مستخدمة في الدخول الى مسرح الجريمة ام لا، وتوصيف جريمة السرقة إذا كانت جريمة سرقة عادية او سرقة موصوفة
جريمة قتل: يمكن بدراسة الإصابات على المجني عليه والجاني ومواقعها وحالة مسرح الجريمة والآثار المادية فيه واشكالها، إضافة الى اية أدلة
أخرى سواءا كانت مادية او قولية، تحديد فيما إذا كانت جريمة القتل حدثت عن طريق الخطأ او كان القتل عمدا أو القتل مع سبق الإصرار والترصد
لتحميل الكتاب إضغط على كلمة هنا